لماذا لم تنتهي الحكاية

أنا ممكن أحاول أكتب مقدمة طويلة، أو أحاول أشرح قبل ما أقول. أنا عارف إن الإحباط كبير واليأس زي سحابة بتحوم فوقنا مطرح ما نروح. والأمل أبعد ما يمكن عن خيالنا، مش بس أيامنا. لكن الحقيقة أكبر.
والحقيقة هي إن الظلم لسه هنا
الظلم اللي عمل من 25 يناير ثورة، مازال هنا
النظام كان ممكن يفهم الدرس ويبقي ذكي ويشيل الأسباب اللي خلت الناس تعمل ثورة. لكنه أغبي من كده. إختار إنه مش بس يعيد ممارسة الأسباب ديه، لكن كمان يزيد منها. غرور. زي الشرير في الأفلام الأكشن لما لازم يشرح خطته العظيمة قبل ما يقتل البطل. يمكن نضحك علي غباءه، لكن غروره هو اللي بيدفعه لكده. غروره بيعميه عن إنه يشوف إن فعله هو اللي هيؤدي إلي نهايته. هو اللي بيخلي الحكاية يستمر.
الناس اللي نزلت تمشي في الشارع، والناس اللي وقفت في البلكونات تشجع اللي مشيوا، اللي تسمعهم في الفيديوهات بتصرخ في الخلفية “جدع .. جدع”. الناس ديه لم تختفي، لسه موجودة، منتظرة اللحظة المناسبة إنها تعبر عن اللي جواه. لكن مش كل لحظة هي اللحظة المناسبة.
هيخرجوا في يوم مرة تاني وهنسأل نفسنا زي ما سألنا المرة الأولي: هم دول جم منين ولا كانوا فين؟ موجودين دايما بس منتظرين.
الأسباب مش مجردة وعامة زي إستمرار الظلم علي حاله، لكن فيه أسباب أكتر عملية. القصة أكبر من ثورة في بلد واحد، حتي لو كان البلد ده بحجم وتاريخ مصر. ديه قصة منطقة بحالها بتغلي علي نار من ظلم أهلها لبعضهم علي مدار قرن كامل. النهارده لحظتهم إنهم ينهوا ده ويمسكوا قدرهم بإيديهم. لكن اللحظة ديه طولها عقد كامل من الزمان.
أنا بأكره فكرة التمسك بالأمل بدون سبب. حتي الإيمان بيكون بسبب. لكن يمكن دلوقتي إتعلمت إن بعض الأسباب أصعب من إن الواحد يفهمها أو يعبر عنها. بعض الأسباب فقط نشعر بها.
النهاردة والكام يوم اللي فاتوا، كل الناس فجأة بتنشر فيديوهات 25 و28 يناير وتتفرج وترجع تفتكر. حتي أنا نشرت وإتفرجت زي كل الناس. أنا ما كنتش مخطط لكده. أنا كنت مخطط إن اللحظة تعدي في صمت. يمكن أحاول أستفيد منها وأفكر إيه اللي إتعمل صح وإزاي كل حاجة باظت. لكن مكنتش أتخيل إنها تتحول إلي لحظة نفتكر فيها بفخر، أو نوعد فيها بالرجوع. كل الناس اللي إتكلمت معاهم كان عندهم نفس الإحساس، هم برضه نشروا وإتفرجوا “مع باقي الناس”. أنا متأكد إنك لو سألت كل واحد لوحده هيقولك إنه شارك وإنه مكانش متخيل إنه هيشارك. إحنا كلنا كمجموع أكتر من مجموعنا كأفراد. واحد مع واحد مش إتنين، لكن تلاتة. خمسة مع خمسة مش عشرة لكن خمسين. ده بس في قوة عزيمتهم وإيمانهم، لكنهم كمان أكتر من كده بكتير في عيون الظالمين. خمسة مع خمسة هم ألف في قلوب اللي عارفين من جواهم إنهم قاتلين وكاذبين وسارقيين، علشان كده هم خايفين.
خلاص الحاجز إتكسر ومش هيرجع تاني
خلاص، الشعب ركب يا باشا

إنشر
%}