بولتيكا أمريكا: أفرع الحكومة
11 Jul 2013الكونجرس هو الفرع التشريعي من الحكم الفيدرالي الأمريكي. خلينا نقف هنا عند كلمتين: التشريعي والفيدرالي.
زي الغالبية الساحقة من الدول، أمريكا فيها 3 فروع للحكم: تنفيذي – تشريعي – قضائي. الفكرة من توزيع الحكم علي 3 أفرع متساوية هو ضمان عدم إستبداد شخص أو طرف أو مجموعة معينة بالحكم.
الفرع التنفيذي (الحكومة عندنا والإدارة في أمريكا) هو القائم علي تنفيذ سياسات علي الأرض وإدارة الاقتصاد وتشغيل الشرطة والتحكم في الجيش. الفرع التنفيذي هو ما تعتبره الناس دائما أهم فرع لأنه بيركز علي الحاضر وتأثير التغيير فيه واضح وملموس بشكل يومي، مش بس في أمريكا ولكن في أي دولة. في أمريكا وعلي المستوي الفيدرالي، لا تسمي حكومة ولكن تسمي إدارة لأن أمريكا عبارة عن إتحاد من دويلات صغيرة (الولايات المتحدة) والحكومة الفيدرالية هي إدارة الإتحاد بين هذه الولايات. مثلا لا يتم إنتخاب رئيس أمريكا مباشرة من الناخبين ولكن عن طريق المجمع الإنتخابي بحيث يختار الناخبين في كل ولاية “موفدين” ويقوم هؤلاء الموفدين بإختيار رئيس الجمهورية. النظام الإنتخابي الأمريكي أكبر من أن يتم شرحه في سطرين وإن شاء الله هيكون له تدوينة لوحده.
الفرع التشريعي (مجلس الشعب في مصر) هو القائم علي تحديد القواعد (القوانين) التي يقوم الفرع التنفيذي بالالتزام بها أثناء تنفيذ أي سياسات. كذلك هو القائم علي مراقبة تنفيذ الفرع التنفيذي لسياساته عن طريق إستجواب العاملين بالفرع التنفيذي.
الفرع القضائي هو القائم علي مراقبة الفرع التشريعي وما يصدره من قوانين.
كيف تكون هذه المراقبة؟ نحتاج لنبذة سريعة عن الديموقراطية ومرجعيتها.
الديموقراطية هي حكم الأغلبية. ما تقرره الأغلبية هو القرار الذي يلتزم به الكل. إذا ما إجتمع أغلبية العاملين بالمكتب ليقرروا مثلا أن متولي هو من سيقوم بدفع ثمن وجبة الغدا اليوم، فهذا حكم ديموقراطي. لكن ماذا يحدث إذا ما قررت الأغلبية أن متولي هو من سيدفع ثمن الوجبة كل يوم؟ هذه الديموقراطية (وهي مازالت ديموقراطية حيث أنها حكم الأغلبية) هي في الحقيقة ديكتاتورية الأغلبية. إذا ما إستبدت الأغلبية برأيها بدون عائق يمنعها فإنها تتحول إلي نوع من الديكتاتورية. إذا ما أجمعت أغلبية من الشعب علي قتل شخص، هل تعتبر هذه ديموقراطية؟ طبقا للتعريف … نعم. لهذا لابد لأي ديموقراطية أن يكون هناك مرجعية تضع حدود تلتزم بها الأغلبية فيما تصدره من قرارات لأن المغالاة في أي شيئ يؤدي إلي عكس المقصود منه. المغالاة في الديموقراطية بدون حدود يؤدي إلي ديكتاتورية الأغلبية.
المرجعية في الولايات المتحدة (وفي الغالبية الساحقة من الدول الغربية) هي الليبرالية. المقصود هنا هو الليبرالية بمعناها الفكري وليس السياسي. الليبرالية تأتي من كلمة “ليبرتي” وتعني الحرية. مرجعية الديموقراطية الأمريكية هي الحرية. كل شخص حر في حياته وممارسة اختياريته طالما لم يؤذي شخص آخر. علي هذا الأساس تؤسس أنواع من الحريات: حرية التعبير عن الرأي – حرية العبادة – حرية التنقل – حرية الزواج – وغيرها. وعليها أيضا تُؤسس لحقوق مثل الحق في الخصوصية وحقوق أخري (مثل حقوق المتهمين) لا يكتمل مفهوم الحرية إلا بتحققها.
يؤسس الدستور الأمريكي لأن تكون الحرية هي مرجعية الديموقراطية، أي أن الحكم للأغلبية إلا إذا ما تعارض مع مبادئ الحرية. يوضح الدستور المبادئ العامة للحرية إلا أن هذا التوضيح تم وضعه قبل حوالي 250 عام. لهذا تقوم المحاكم بمهمتين: مراقبة مدي إلتزام فرعي الحكومة التنفيذي والتشريعي بهذه المبادئ وكذلك تقوم بتفسير مبادئ الحرية إذا ما جد جديد لا ينطبق تماما علي المذكور في الدستور.
عبقرية الدستور الأمريكي أنه أسس لدولة أرقي بكثير من الدولة التي كانت أيام كتابة الدستور. ذكر الدستور الأمريكي صراحة أن كل المواطنين سواسية ولهم نفس الحقوق. كُتب هذا الدستور بواسطة ناس كانت تمتلك وتشتري وتبيع عبيد، وفي هذا مخالفة واضحة بين القول والفعل. ربما كان امتلاكهم للعبيد جزء من عادات المجتمع مهما كانت رجعية، متخلفة أو خاطئة. وربما كانت كتابتهم لهذه المبادئ هو جزء من التطلع لمستقبل أفضل لأبنائهم. جزء من “إحنا بدأنا الطريق وإنتوا تكملوه”. جزء من “لو تطلعنا لمبادئ أفضل، بكره هنبقي أفضل”. ربما أكون مخطئا في تفهم نية أشخاص كتبوا وثيقة من حوالي 250 سنة، إلا إني لست مخطئا في قراءة نتائج هذه الوثيقة اليوم.
كنا بنقول إيه؟ …. أيوه .. “الكونجرس هو الفرع التشريعي من الحكم الفيدرالي الأمريكي”. الكلمة التانية هي الفيدرالية. بس ده موضوع كبير.. عايز تدوينة لوحده.