التضليل في زمن الإنترنت

الإنترنت – كأي أداة – هي سلاح ذو حدين يمكن أن تستخدم لتحقيق أهداف جيدة أو سيئة. ولأنها فعالة للغاية فتأثيرها قوي.

علي تويتر الكثير من الحسابات الساخرة لأشخاص وهمين ومن ضمن هذه الحسابات حساب “الشيخ مؤمن” ويقوم بالسخرية من الفتوي الفورية التي تزيد عن الحد. بصرف النظر عن الاتفاق مع محتوي هذا الحساب وأو فكرة الحسابات الساخرة من عدمه (وهو حساب غير أمين لأنه لا يضع في وصفه أنه حساب ساخر كما تجري العادة مع أغلب هذه الحسابات).

قامت جريدة الواشنطن تايمز بالنقل عن الحساب هذه التغريدة “</span>يحرم تشغيل المرأة للمكيف بدون حضور زوجها لان ذلك يعطي إشارة للجيران بتواجدها بالمنزل و ذلك لوقوع الزنا والعياذ بالله”. وكتبت الجريدة الخبر علي موقعها تحت عنوان “مفتي سعودي: إمنعوا النساء من إستخدام مكيف الهواء”. أشارت الجريدة إلي أن مصدر الخبر هو تغريدة علي موقع تويتر ورغم ذلك لم تضع رابط إلي التغريدة رغم أن الخبر منشور علي الإنترنت. أشارت الجريدة في تفاصيل الخبر إلي أن “هناك رجل علي تويتر يدعي أن مفتي سلفي-وهابي وقال كذا وكذا” وذلك رغم أن متن يتنافي بوضوح مع عنوان الخبر الذي أكد علي أن الرجل مفتي سعودي.

المصيبة تكمن في أن موقع وكالة أنباء سرايا نقل الخبر عن الواشنطن تايمز. وإستمر التضليل بأن الموقع لم يضع رابط إلي مقالة الواشنطن تايمز رغم أن الطريقة الوحيدة الممكنة لقراءة هذا الخبر هي عبر الإنترنت.

إذن، موقع عربي ينقل خبر عربي يخص شخص عربي من موقع أجنبي بدون التحقق منه أو حتي الإكتفاء بوضع رابط للخبر الأصلي.

في عصر ما قبل الإنترنت كان من الممكن أن أتفهم فكرة النقل عن جرائد أجنبية وإيهام القراء بأن ما كتبه محرر بجريدة أمريكية هو يعبر عن رأي 300 مليون من الشعب الأمريكي. الآن الوضع تغير. أنا أصلا – من ضمن أشخاص كثر – لا أقرأ أي خبر في موقع عربي أو صحيفة عربية مضمونه هو النقل عن الصحيفة الغربية. حتي لو كان المقال بلغة غير الإنجليزية (وهي اللغة الأجنبية الوحيدة التي أتحدثها بطلاقة) فأنا أستطيع الذهاب إلي موقع فرنسي أو ألماني وإستخدام أيا من خدمات الترجمة الفورية للحصول علي مضمون المقال حتي لو لم تكن النتيجة فائقة الجودة إلا أنها ستكون أفضل من التضليل الذي يحدث باسم الصحافة.

جريدة الواشنطن تايمز هي جريدة يمينية متطرفة تكره العرب والمسلمين ومتحيزة لإسرائيل. نظرة سريعة علي مقال ويكيبديا عن الجريدة يقودك إلي مقال كتبه إبراهيم نافع في الأهرام في عام 1998 يصف الجريدة بإنها ناطقة باسم اللوبي الصهيوني.

إذا لم يأخذ المحرر من وقته الثلاثين ثانية الذي إستطعت فيها – أنا الغير صحفي والغير محترف - الوصول إلي هذه المعلومة، ما فائدة أن تكون صحفي؟ أنا أيضا أستطيع كتابة أي كلام فارغ.

خلاصة الموضوع: لا تصدق كل ما تقرأه علي الإنترنت حتي لو كان من موقع كبير أو لو شكل إحترافي. إما أن تنقل عن مصدر موثوق منه (والثقة يتم بناءها بعد تجارب وتجارب وتجارب) أو أن تتأكد بنفسك من دقة ما تقرأه. أبسط شيء إذا خلي المقال من مصدر المعلومة التي يدعي المقال أنها منشورة علي الإنترنت فإعلم أنه كاذب أو علي الأقل مغرض.

إنشر
%}